تعليق على حكم محكمة استئناف الزاوية في ليبيا ضد توتال إنرجي وكونكو فليبس/هيس
- الكاتب: البوديري شريحة
تعليق على حكم محكمة استئناف الزاوية في ليبيا ضد توتال إنرجي وكونكو فليبس/هيس
قائمة المحتوى
الديباجة
صدر بتاريخ 4/5/2023 حكم محكمة استئناف الزاوية بدائرة الطعون الإدارية الأولى ، المقيد تحت رقم 216 – 2022 ، ضد قرار مجلس الوزراء رقم 918 لسنة 2022 بشأن اعتماد إجراءات الموافق علي بيع حصة شركة شركة اجنبية في شركة الواحة للنفط ، والذى جاء نص القرار علي النحو الآتي:
” المادة (1) تعتمد إجراءات الموافقة علي بيع حصة شركة هيس ليبيا في شركة الواحة إلي شركة كونكو فليبس ، و شركة توتال إنرجي، وفق ما تم عرضه في إجتماع مجلس الوزراء العادي الرابع عشر لسنة 2022 المشار إليه.
المادة (2) يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره ، ويلغي كل حكم يخالفه ، وعلي الجهات المختصة تنفيذه.”
الموضوع
بتاريخ 30/4/2021 تقدمت شركة توتال إنرجي الفرنسية بعرض شراء حصة شركة هيس الأمريكية ، في حصتها مع شركة الواحة الليبية بالمناصفة في عقد الاستكشاف والإنتاج النفطي ( EPSA ) ، والذي ينص على حق الشفعة للدولة ليبيا ، والتي وافقت بدورها علي البيع بقرار مجلس الوزراء رقم 552 لسنة 2020 و الحقه بالقرار رقم 118 لسنة 2022 .
الإشكال القانوني
ينصب الإشكال القانوني موضوع هذا التعليق إستعراض وتحليل مؤجز لثلاث أسئلة قانونية بهذا الخصوص، وذلك علي النحو الأتي:-
- ماهية حق الشفعة في القانون الليبي والعقود النفطية في ليبيا؟
- هل يجوز للقضاء الليبي التدخل في العقود النفطية التي تخضع للتحكيم الدولي؟
- مدى أحقية شخص عادي رفع الدعوى في القانون الليبي ؟
برغم أن حيثيات الحكم تطرقت إلي وقف تنفيذ القرار ، وما يستتبعه من عقد البيع في شقه المستعجل والنظر قريبا في شقه الموضوعي ، بالنظر إلي عيب عدم الاختصاص لحكومة الوحدة الوطنية وتصرفها خارج أختصاصاها كحكومة تصريف أعمال بموجب التشريعات النافذة ، استنادا إلى قرار مجلس النواب رقم 10 لسنة 2020 بشأن سحب الثقة من الحكومة ، فإن الحكم بهذا ربما ينعرج علي إشكالية دستورية في مدي توفر شرعية أو مشروعية حكومة الوحدة الوطنية من عدمها ، والتي تختص به الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية وحدها. وهذة الإشارة لا تشدنا عن مناقشة و التعليق على الاستفسارات القانونية الثلاثة وتأصيلها التشريعي .
أولاً: ماهية حق الشفعة في القانون الليبي والعقود النفطية في ليبيا؟
القانون المدني الليبي الصادر عام 1953 ” القانون ” يجيز حق الشفعة وفق الإشتراطات والاحكام الواردة في المواد ( 939 – 952 ) . بيد أن المادتين 944 و 952 من القانون تناولتا الإجراءات التي تتحق بهما الشفعة ، ومن بينها المواعيد حيث ألزمت من له حق الشفعة إستخدام حقه أمام البائع والمشتري بإعلان رغبيته خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإنذار الرسمي الذى يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا سقط حقه. ويسقط إستخدام حق الشفعة إذا انقضت سنة من يوم قيد عقد البيع سواء كان الشفيع حاضراً أو غائباً.
في حين مواعيد إستخدام حق الشفعة تمتد إلي مائة وعشرين يوما في العقود النفطية في ليبيا ( EPSA ) من تاريخ الإخطار أو تاريخ التمديد. ويكون للطرف الأجنبي حق البدء في تنفيذ البيع بعد ثلاثين يوما من تاريخ إبلاغ الدولة الليبية بعد انتهاء مهلة (120) يوما .
مع الجدير بالذكر أن الحكم موضوع هذا التعليق لم يتطرق إلي حق الشفعة وأحكامه ومدى إلتزام الأطراف بالمواعيد والاشتراطات ، ربما كان التكريز فيه أنحصر علي مشروعية القرار الإداري الصادر عن مجلس الوزراء و أثاره ، وكذا علي البعد الإداري في الإختصاص لوزارة النفط أو مجلس الوزراء ، ولم يتناول الدور والاختصاصات المتداخلة مع الجتهتين المذكورتين للمجلس الأعلي لشؤون الطاقة والغاز، الذى تم مناقشته في مقال سابق لي وفق الرابط التالي: Legal Analysis Cabinet Resolution No. 790 of 2022 On Reorganization of the Supreme Council for Energy Affairs Preamble – Itkan Law
ثانياً: هل يجوز للقضاء الليبي التدخل في العقود النفطية التي تخضع للتحكيم الدولي؟
قانون البترول رقم 25 لسنة 1955 بنص المادة 20 أخضع العقود النفطية للقانون الليبي والتحكيم الدولي وهذا ما ذهبت علي وثيرته العقود النفطية مع الدولة الليبية . وبالرغم أن الحكم موضوع هذا التعليق يستهدف القرار الإداري لمجلس الوزراء لكن يصطدم بأحكام قانون البترول الليبي والعقود النفطية التي تعد إستثناءا عن القاعدة القانونية التي بناء عليها القضاة حكمهم موضوع هذا التعليق. وبالتالي يبقي للمحكمة العليا قول الفصل فى هذا الموضوع.
ثالثاً: مدى أحقية شخص عادي رفع الدعوى في القانون الليبي ؟
المبدأ في قانون المرافعات المدنية والتجارية الليبي لعام 1953 أن شرط المصلحة أحدى الشروط الرئيسة لقبول الدعوي بسبب وجود المصلحة ، وهذا ما يميزها عن مفهوم ” الحسبة والمظالم” في الشريعة الإسلامية التي تعتبر المصدر الثاني للتشريع في ليبيا وفق نص المادة (1) من القانون المدني الليبي. وما يشد الانتباه في هذا الحكم التوسع في تفسير النص الوارد بالمادة (6) من القانون رقم 88 لسنة 1971 في شأن القضاء الإداري في مجال ” المصلحة الشخصية المباشرة” حيث أعتبرالحكم مقيد الطعن ، والذى أشير إليه في الحكم بصفة بــــ” موظف” وليس عاملا تكون لديه المصلحة في تحريك دعوي الإلغاء في القرار الإداري موضوع الحكم، بسبب إختلاف شروطها عن الدعوي المدنية تتحق معه توفر شرط المصلحة.
والسؤال في سياق هذا التفسير هل يعتبرالشخص الذى لديه صفة موظف كما ذكر في الحكم وليس عاملا في شركة ربما تثأر حقوقه أو مركزه القانوني بتغير المالك قانونا تجوزله رفع الدعوي الإدارية وبالتالي نقترب من تطبيق نظام الحسبة في الشريعة الإسلامية التي تجيز أى مواطن رفع مثل هذة الدعاوي دون وجود مصلحة شخصية ومباشرة.
وفي الختام… ننتظر من الفقه الليبي وقضاء المحكمة العليا الليبية فرصة الخوض في هذة التخريجات والاجتهادات القضائية بمعايير مهنية تؤسس لبيئة إستثمارية مشجعة في ظل تنافسية أقليمية للأسواق.