Skip to main content

أحكام القانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الاستثمار

أحكام القانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الاستثمار

|
  • الكاتب: البوديري شريحة
  • كاتب مشارك: هدى الثلثي

أحكام القانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الاستثمار

قراءة تحليلية في حق الأجانب في الاستثمار في ليبيا

الأسئلة القانونية

يطرح هذا المقال مجموعة من الأسئلة القانونية المتعلقة بحق الأجانب في الاستثمار في ليبيا، وذلك بهدف الإجابة عنها وتحليل كيفية تنظيم القانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الاستثمار لها. وهي كالتالي:   

  • هل يحق للأجنبي الاستثمار وممارسة النشاط التجاري تحت قانون الاستثمار؟
  • من هو الأجنبي؟
  • من هو المستثمر؟
  • ما هي المجالات والأنشطة الاقتصادية المسموح للأجنبي القيام بها في ليبيا؟
  • ما قيمة الرأسمال الإستثماري المطلوب على الأجنبي للاستثمار في ليبيا؟
  • ما هي التنظيمات القانونية التي يستطيع الأجنبي من خلالها ممارسة نشاطه في ليبيا؟
  • ما هي الإجراءات المطلوبة لتأسيس وممارسة النشاط الاستثماري؟

ما هي التشريعات المنظمة للاستثمار في ليبيا؟

نُظّم قطاع الاستثمار في ليبيا بدءاً بالقانون رقم 37 لسنة 1968 بشأن إستثمار رؤوس الأموال الأجنبية الذي ألغي بالقانون رقم 5 لسنة 1997 بشأن تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية، ومن ثمّ عدّل بالقانون رقم 6 لسنة 2003 بشأن تشجيع استثمار رؤوس الأموال الوطنية، والذين أُلغيا بالقانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الاستثمار، الذى لازال نافذا، وصدرت لائحته التنفيذية بقرار مجلس الوزراء رقم 499 لسنة 2010.

من هو الأجنبي؟ 

وفق القانون رقم 24 لسنة 2010 بشأن الجنسية، والقانون رقم 6 لسنة 1987 بشأن تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا وخروجهم منها، والقانون رقم 10 لسنة 1989 بشأن حقوق وواجبات العرب في ليبيا، و بمفهوم المخالفة، الأجنبي سواء كان شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً، هو كل شخص لا يحمل الجنسية الليبية بما فيهم العرب، مع مراعاة الاتفاقية الليبية المالطية لعام 1985 (https://ls.org.ly/yj91) والاتفاقيات الثنائية في حقوق التنقل والإقامة والتملك – بشروط إجرائية – مع تونس ومصر.

من هو المستثمر؟

وفق “التعريفات” الواردة بالقانون رقم 9 لسنة 2010 بشأن تشجيع الإستثمار، المستثمر هو “كل شخص طبيعي أو أعتباري وطني أو أجنبي يستثمر وفقا لأحكام هذا القانون”، مما يعني أنه يجوز للأجنبي فردا أو شركة الاستثمار في ليبيا.

هل يحق للأجنبي الاستثمار وممارسة النشاط التجاري تحت قانون الاستثمار؟

بوجه عام، هناك بابان للدخول إلي السوق الليبي:

  • تحت مظلة القانون التجاري أي القانون رقم 23 لسنة 2010 بشأن النشاط الاقتصادي (الرخصة التجارية)، حيث يجوز للأجنبي في المجالات المسموح بها ممارسة النشاط التجاري كفرع لشركة أجنبية أو مساهما في شركة مساهمة أو مشتركة (ألغيت الشركات المشتركة ضمنيا وفق القانون الليبي، إلا أنها تأخذ حكم الشركات المساهمة – لمزيد من المعلومات https://itkan.ly/ar/مقتطفات-من-الذاكرة-القانونية-3-مآخذ-تش/ ).
  • تحت مظلة قانون الإستثمار رقم 9 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية، المستثمر الأجنبي أسوة بالمستثمر الوطني يحق له الدخول للسوق الليبي والإستثمار به فردا أو شركة بجميع أشكال الشركات التي ينظمها القانون التجاري (القانون رقم 23 لسنة 2010).

ما هي المجالات والأنشطة الأقتصادية المسموح بها للأجنبي القيام بها في ليبيا؟

تحت القانون التجاري: حُددت للأجنبي مجالات ممارسة النشاط التجاري وفق قرار وزير الاقتصاد رقم 207 لسنة 2012 وتعديله سنة 2013، وقرار مجلس الوزراء بشأن حظر دخول الشركات الأمنية الأجنبية إلى ليبيا لمزاولة أنشطتها رقم 248 لسنة 2012. حُددت وفق هذين القرارين المجالات التي يحظر على الشركات المشتركة بمساهمة أجانب المشاركة فيها، كما حددت الأنشطة والمجالات التي يسمح لفروع الشركات الأجنبية الدخول فيها (https://ls.org.ly/a/y4iz).

تحت قانون الاستثمار: الأجنبي يحق له الاستثمار في كافة المجالات الإنتاجية والخدمية في ليبيا بموجب المادة الثامنة من قانون الاستثمار، عدا الاستثمار في مشروعات النفط والغاز، إعمالا للاستثناء الوارد في المادة 27 من القانون. وقد فوضت اللائحة التنفيذية (قرار رقم 499 لسنة 2010) في مادتها الرابعة مجلس الوزراء صلاحية تحديد المجالات التي تقتصر على الليبيين فقط أو بالمشاركة مع الأجانب ونسبة مساهمة كل جانب في المشروع الاستثماري وذلك بناءً على اقتراح من الوزير المختص. وأكدت المادة الرابعة من ذات اللائحة استثناء الأجانب من الاستثمار في مشروعات النفط والغاز، وتحديدا في مجالات:

  • إستكشاف النفط والغاز
  • إستخراج النفط والغاز
  • تسويق النفط والغـــاز

مما يعني جواز الاستثمار في مجال الخدمات النفطية وفي مجال قطاع البتروكيميات و الأسمدة والمصافي لكونها أقرب إلي التصنيف الصناعي منها إلى المجال النفطي. ولدينا سابقة في عام 2007 عندما منح ترخيص لشركات خدمات نفطية (ليبية قطرية).

ويحمد التوجه الذي لم يقيد الاستثمار في المجالات النفطية فيما عدا المجالات النفطية الثلاث المشار إليها بحكم النص عليها في القانون عينه (المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية). وحتي في المجال النفطي قلل مجلس الوزراء من الحظر على الأجانب في الاستثمار في ليبيا بأن ترك لهم حق الاستثمار في الخدمات النفطية وما في حكمها. كما يبدو أن هناك اتجاهاً في الدولة الليبية ينادى بإلغاء القيد في المجال النفطي  لحاجة تطوير البنية التحتية في قطاع النفط إلى أموال واستثمارات بدأ يصعب على الدولة الليبية توفيرها، بالإضافة إلى أن الحقول النفطية قليلة الإنتاج تتطلب استثمارات من القطاع الخاص.

هل هناك قيود على نسبة مساهمة الأجانب في الأنشطة الاقتصادية في ليبيا؟

بخلاف الرخصة التجارية تحت القانون التجاري التي تمنع الأجنبي من تملك أكثر من 49 % كأسهم في الشركات المشتركة، فإن الأجنبي تحت قانون الاستثمار أي الرخصة الاستثمارية، يجوز له أن يمتلك ما يصل إلى 100 % من المشروع الاستثماري دونما الحاجة للمشاركة في الاستثمار مع ليبي. ولمجلس الوزراء فقط بإقتراح وزير الإقتصاد اختصاص تحديد قيود على نسبة مساهمة الأجانب. وحسنا فعل المشرع بعدم تقييد الأحنبي في نسبة المساهمة وترك له الحق في تملك كامل المشروع الاستثماري أو المشاركة مع الليبي أو المشاركة مع الأجنبي بأى نسبة يتفق عليها الطرفان أو الأطراف إن تعددوا أجانب أو ليبين أو معا. حيث منح الأجنبي مرونة تشجعه على الدخول في الاستثمار في ليبيا مما يتوافق و المغزى الذي شرع قانون تشجيع الاستثمار من أجله.

ما قيمة الرأسمال الاستثماري المطلوب من الأجنبي للاستثمار في ليبيا؟

وفق نص المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار فإن الحد الأدنى لرأس المال الاستثماري – قيمة المشروع – بالنسبة للأجنبي يبلغ خمسة ملايين دينار ليبي. أما بالنسبة للمستثمر الليبي فإن رأس المال المطلوب حُدّد بإثنين مليون دينار ليبي كحد أدنى.

أما في حالة مشاركة الأجنبي مع الليبي فيبدو أن فلسفة المشرع ونيته كانت تتجه إلى تشجيع مشاركة الأجنبي مع الليبي بتحفيز الأجنبي على هذه المشاركة بتخفيض رأس المال المطلوب عند المشاركة إلى اثنين مليون دينار ليبي كحد أدنى. يُفهم ذلك من الممارسة والتطبيق العملي الذي درج على تطبيق هذه الفلسفة رغم أن المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية لم تعكس في نصها هذا التوجه. علاوةً على أن الحد الأدنى لرأس المال المطلوب لا يشجع أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الاستفادة من مزايا هذا القانون للاستثمار تحت مظلته.

ما هي أشكال الشركات التي يستطيع الأجنبي ممارسة نشاطه من خلالها في ليبيا؟

وفق المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، يجوز للأجنبي أن يُسجل المشروع الاستثماري من خلال جميع الأشكال القانونية المنصوص عليها في القانون التجاري، ويتم التسجيل في السجل الاستثماري لدى هيئة تشجيع الاستثمار وفقا للإجراءات والقواعد المبينة في المادة التاسعة من اللائحة المذكورة. وتعرّف ذات اللائحة الشكل القانوني للاستثمار بأنه الجسم القانوني الذي يمتلك المشروع الاستثماري أو يشرف على إدارته.[1]

بما أن قانون الاستثمار رقم 9 لسنة 2010 يعد قانوناً خاصاً يقيد به النص العام ألا وهو القانونين التجاري والمدني وذلك وفق القاعدة العامة المستقرة “الخاص يقيد العام”. هذا يعني أنه يجب عدم التوسع في تفسير النص الخاص بخلاف ما يحمله. تطبيقا لذلك، فإن المادة 28 من قانون تشجيع الاستثمار تنص على أن تسري الأحكام المنظمة للنشاط الاقتصادي على الخاضعين لأحكام قانون الاستثمار وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص. عليه، متى ورد نص خاص في قانون الاستثمار فهو الذي يسري دون منازع. وعندما يحيل القانون على لائحته التنفيذية في تحديد نسب المشاركة بين الأجانب والوطنيين ومجالات الاستثمار، ومن ثَمّ تقرر اللائحة أن الاختصاص في ذلك مناط بقرار من مجلس الوزراء، فلا يجوز الاحتجاج بسريان النسب أو المجالات المحددة في قانون النشاط الاقتصادي لأن ذلك يعتبر مخالفا للقواعد العامة المستقرة ولقانون تشجيع الاستثمار ولائحته التنفيذية. 

والأشكال التجارية المتاحة وفق القانون التجاري للأجنبي هي فروع الشركات الاجنبية، والشركات المساهمة، والشركات ذات المسئولية المحدودة، بدلالة أن المادة 8 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار تستثني صراحة “النشاط الفردي والتشاركيات – شركات التضامن- وشركات المحاصة” من الأشكال التجارية المتاحة للأجانب.

ما هي الإجراءات المطلوبة لتأسيس وممارسة النشاط الاستثماري؟

تتولى الهيئة بموجب المادة 17 من اللائحة التنفيذية إقامة مراكز لخدمات المستثمرين تقدم خدمة الشباك الموحد تنجز من خلالها الإجراءات والمعاملات المتعلقة بطلبات الإستثمار، بما في ذلك الخدمات التي تقدمها كافة الجهات ذات العلاقة، مثل مصلحة الضرائب، ومصلحة الجمارك، وصندوق التقاعد، والمصارف التجارية ومصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب ووزارة العمل وغيرها. وتجيز اللائحة إضافة أي جهات تقترح الهيئة إضافتهم.

كما توضح اللائحة التنفيذية في مادتها العاشرة المستندات المطلوبة من مقدم الطلب الاستثماري وذلك على الشكل التالي:   

  1. مذكرة تفاهم بين المؤسسين بشأن المشروع معتمدة من محرر عقود أو من أحد مكاتب الأخوة بالخارج حسب الإجراءات والتشريعات السارية.
  2. موافقة مجلس إدارة الشركة الأجنبية في حالة عدم دخول شريك آخر معها بالمشروع.
  3. مقترح يتضمن ثلاثة خيارات باسم للمشروع الاستثماري.
  4. مذكرة عن المشروع الاستثماري تتضمن ما يلي: 

أ.  قيمة رأس المال المراد استثماره وطبيعته، مقوما بالدينار الليبي أو بإحدى العملات القابلة للتحويل وقت تقديم الطلب.

ب. المواد المستخدمة بالمشروع المستوردة منها والمحلية.

ت. المواصفات الفنية للمشروع الاستثماري.

ث. برنامج الجدول الزمني المحدد لتنفيذ المشروع الإستثماري.

ج. تقديرات القوى العاملة الوطنية والأجنبية لتشغيل المشروع الإستثماري، وجدول إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية خلال الخمس سنوات الأولى للتشغيل.

  • شهادة تدل على جنسية المستثمر صادرة من الجهة المختصة في بلده بالنسبة للمستثمر الأجنبي.
  • مستخرج رسمي حديث من صحيفة القيد بالسجل التجاري في البلد الأصلي للشخص الاعتباري الأجنبي.

ويجب أن تكون المستندات المقدمة عن المشروع المذكورة في الفقرتين 4-5 أصلية ومعتمدة من مكتب من  مكاتب الأخوة بالخارج.

  • ما هي المزايا المتاحة للمستثمر في ليبيا ؟
المسألةالقانون التجاريالقانون الاستثماري
1الضرائب (الدخل والدمغة والإستهلاك)خاضعة لضرائب الدخل والدمغة والجهاد والاستهلاك عدا ضرائب التصديريعفى من كافة الضرائب لمدة 5 سنوات وقد تمدد إلى 8 سنوات بموافقة مجلس الوزراء
2العمالةالعمالة الليبية لا تقل عن 75 %العمالة الليبية لا تقل عن 30 %
3الملكية العقاريةلا يجوزحق انتفاع لمدة لا تزيد عن 70 عاما
4الرسوم الجمركيةخاضعةتعفى لمدة 5 سنوات
5نسبة المساهمةلا تزيد عن 49 % في الشركة المشتركةتصل 100 % للأجنبي
6مجالات المساهمة14 مجال محظور على الاجانب 3 مجالات فقط محظورة في مشروعات النفط والغاز
7التأشيراتالنظام العادي للجوازات وعادة 6 أشهر لسنة 5 سنوات إقامة عمل
8الحسابات بالعملة الاجنبية والقروضيجوزيجوز
9التحكيمحسب الاتفاق وبالنسبة لعقود الدولة لا يجوز إلا بموافقة مجلس الوزراءيجوز
10الحماية القانونيةلا تتمتع بحماية قانونية وتخضع للحجز والمصادرةلا يجوز
11التحويلات لصافي الأرباحوفق منشورات المصرف المركزييحق للمستثمر التحويلات
12اختيار المثمنبأمر من المحكمة من جدول الخبراء المقيدين لدي المحاكمبالاتفاق 

المآخذ القانونية على قانون تشجيع الاستثمار:

جاء قانون تشجيع الاستثمار خلفاً للقانون رقم 5 لسنة 1997 في شأن تشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية. وحيث أن المتوقع أن يتلافى القانون الجديد نقاط ضعف القانون السابق. فقد كان متصوراً أن يأتي قانون تشجيع الاستثمار رقم 9 لسنة 2010 بمواد تستحدث بيئة أكثر تشجيعاً على الاستثمار. مع ذلك، فقد لوحظ على القانون رقم 9 المآخذ التشريعية التالية:

  1. خلافاً للقانون رقم 5، وَحّد قانون تشجيع الاستثمار رقم 9 بين السجل التجاري والسجل الاستثماري مما سبب ارتباكاً في التطبيق. فبينما كان القانون رقم 5 ينص صراحة في مادته 13على الفصل بين السجل التجاري والسجل الاستثماري المعد خصيصا لغرض تسجيل المشاريع الاستثمارية، حيث نصت المادة المذكورة على أن “لا يتقيد المشروع الاستثماري بالأشكال المنصوص عليها في التشريعات النافذة ولا يخضع لإجراءات القيد فى السجل التجارى والسجل الصناعي وسجلي
    المستوردين والمصدرين.  وتحدد اللائحة التنفيذية الأشكال القانونية للمشاريع الاستثمارية التي يجوز تأسيسها وفقاً لأحكام هذا القانون وضوابط التأسيس وإجراءات القيد في السجل الاستثماري المعد لهذا الغرض.”

صراحة هذه المادة تمنع قيام أي شك حول مدى الفصل بين السجل التجاري والسجل التجاري.

في المقابل جاء قانون الاستثمار رقم 9 لينص في مادته الرابعة عشر على أنه ” مع عدم الإخلال بالأحكام المنظمة للسجل التجاري، ينشأ بالجهة الإدارية سجل خاص يسمى السجل الاستثماري تقيد فيه كل المشروعات الاستثمارية مبينا فيه الشكل القانوني لهذه المشروعات وحجم الاستثمارات ونوع النشاط وأسماء ملاكها والمساهمين فيها وجنسياتهم، ونسبة وجود الأجانب بها. وتحدد اللائحة التنفيذية ضوابط وإجراءات القيد في السجل الاستثماري.”

النص في بداية هذه المادة على عدم الإخلال بأحكام السجل التجاري يثير شبهة عدم الانفصال التام بين السجل التجاري والسجل الاستثماري وذلك بعكس نص المادة 13 من القانون رقم 5.

  • الإجراءات التي يتم من خلالها النظر في طلبات تسجيل الاستثمار وفق قانون تشجيع الاستثمار رقم 9 تستلزم عرض المشروع على وازرة الاقتصاد من أجل الحصول على موافقة نهائية، رغم صدور موافقة مسبقة من هيئة تشجيع الاستثمار، مما يثير الاستغراب. حيث يفترض أن تكون الهيئة باعتبارها الجهة المختصة، الجهة الوحيدة التي يترك لها تقرير الموافقة على تسجيل المشروع الاستثماري من عدمه. إن استلزام الحصول على موافقة الوزارة يطيل مدة الإجراءات مما يتنافى وروح القانون، ويثير صعوبات في التطبيق خصوصا متى وافقت الهيئة على تسجيل مشروع من جهة، وعارضته الوزارة من جهة أخرى.
    • في الماضي كان القانون يفرض على الهيئة الرد على طلبات الاستثمار خلال أجل أقصاه خمسة عشر يوما، إذا لم يتم الرد خلاله اعتبر ذلك موافقة على الطلب الاستثماري بقوة القانون. هذا الالزام لم يعد موجوداً في القانون رقم 9 مما يفتح الباب واسعاً نحو التعسف في استعمال الحق والتأخر في الرد على طلبات الاستثمار. حالياً ينص القانون رقم 9 في مادته 21 على قبول التظلمات ضد أي قرار يصدر في حق المستثمر خلال ثلاثين يوماً من صدوره. رغم تحديد مدة التظلم لازال القانون يعتبر قاصراً عن تحديد مدد يجب أن يتم اصدار القارات المتعلقة بطلب الاستثمار خلالها، حيث أنه لا يلزم الوزارة بإصدار قرار الموافقة خلال مدة معينة والتي عملياً قد تستمر لأشهر عدة.

قانون تشجيع الاستثمار: بين الهدف والتطبيق

قراءة تحليلية لقانون تشجيع الاستثمار رقم 9 لسنة 2010 تأخذ في الاعتبار التوقيت الذي تم فيه سن هذا القانون، تظهر أن هدف المشرع من هذا القانون تشجيع الاستثمار خصوصاً الأجنبي منه في ليبيا. الأمر الذي تؤكده التسمية التي اختيرت لهذا القانون. ومع ذلك، للأسف فإن المآخذ القانونية السالفة الذكر، بالإضافة إلى الأدوات المستخدمة لتطبيق القانون وتفسيره غير الدقيق عند التطبيق أدت عملياً إلى التحول عن المغزى الذي أريد تحقيقه بدايةً من وراء سنّه.

على سبيل الذكر وليس الحصر، أصدرت وزارة الاقتصاد بتاريخ 18 أغسطس 2021 القرار رقم 273 لسنة 2021، والذي تم بموجبه زيادة الرسوم التي يجب على الشركات الراغبة في التسجيل تحت مظلة الاستثمار دفعها لضمان الحصول على رخصة استثمارية. لعل أبرز هذه الرسوم رسم عن إجمالي التكاليف الاستثمارية للمشروع وذلك بقيمة 0.01٪.

عملياً، مثل هذه الرسوم أدت إلى تراجع بعض الشركات عن الدخول إلى ليبيا وتسجيل المشاريع الاستثمارية. ناهيك عن حقيقة أن قرار زيادة الرسوم نُص على سريانه فور صدوره، وبذلك أصبح ساريا على المشاريع التي صدر قرار قبول تسجيلها من وزارة الاقتصاد ذات يوم صدور القرار رقم 273. مما أدّى إلى تراجع بعض المستثمرين عن استكمال إجراءات مشاريعهم.

إضافة إلى تراجع المستثمرين، مثل هذه القرارات تشير إلى صعوبة التنبؤ بخطوات السلطات داخل ليبيا وهو ما لا يشجع على الاستثمار الذي يتطلب بيئة مستقرة تنبئ بازدهار متوقع.  

وفي مثال آخر على الالتفات عن فحوى قانون الاستثمار والمقصود من سنه، أصدرت الإدارة القانونية في وزارة الاقتصاد مؤخراً مذكرة موجهة لوزير الاقتصاد، تشكك في صحة طلب تسجيل مشروع استثماري من قبل أجنبي يرغب في الاستثمار في ليبيا في صورة شراكة بين شركتين أجنبيتين (مشروع استثماري مملوك 100٪ من مستثمر أجنبي). ترتب على هذه المذكرة امتناع وزير الاقتصاد عن التصديق على قرار الاستثمار المتعلق بالأجنبي المعني، رغم صدور موافقة سابقة من هيئة تشجيع الاستثمار. هذا التفسير يتعارض تماما مع قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية التي أشارت في عدة مواد إلى أحكام تفيد صحة تسجيل شركة استثمارية أجنبية مملوكة بالكامل لشريكين أجنبيين. من ذلك مثلا ما تنص عليه المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية من تحديد للحد الأدنى لقيمة رأس المال الأجنبي بخمسة ملايين دينار ليبي، مما يعني جواز امتلاك رأس المال بالكامل من أجنبي، كما أن المادة لم تحدد نسب معينة لمشاركة أطراف المشروع الاستثماري سواء كانت المشاركة بين طرفين أجنبيين أو طرف أجنبي وطرف ليبي، والأصل هو الإباحة.  كما أن اللائحة التنفيذية تنص على أن تحديد المجالات التي تقتصر على الليبيين فقط أو بالمشاركة مع الأجانب ونسبة مساهمة كل جانب في المشروع الاستثماري يتم عن طريق قرار من مجلس الوزراء. ولم يوجد هكذا قرار حين أصدر المكتب القانوني في الوزارة المذكرة القانونية المذكورة أعلاه. كما أن المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية في فقرتيها الأولى والثانية تشترط وجود قرار من مجلس إدارة المستثمر مصدقاً عليه من محرر عقود أو من القنصلية الليبية في دولة جنسية المستثمر إذا كان غير ليبي أو خارج ليبيا ويحل الاتفاق محل قرار مجلس الإدارة في حالة ما إذا كان هناك أكثر من مستثمر ولو كانوا جميعهم أجانب.

الصخب الذي أثارته هذه المذكرة والأخذ والرد بين هيئة تشجيع الاستثمار من جهة ووزارة الاقتصاد من جهة أخرى أدي في النهاية إلى إحالة الموضوع إلى إدارة القانون في وزارة العدل لإبداء رأيها القانوني بالخصوص. للأسف هذه الإحالة لم تتم إلا بعد سبعة أشهر من إحالة الطلب إلى وزارة الاقتصاد. مما أثار تململ المستثمر الأجنبي وبالتأكيد انعكس سلباً على مظهر أداء الوزارة.   

ختاماً، السؤال الذي يطرح هنا، متى فسرت إدارة القانون قانون الاستثمار ووضحت في رأيها القانوني كيفية التطبيق الصحيح لهذا القانون، هل سيكون هذا الرأي بدايةً لانفتاحٍ عمليٍ نحو تشجيع الاستثمار أم سيستمر الوضع على ما هو عليه حبر على ورق، ينتظر ازدياد الوضع الاقتصادي سوءاً حتى يتم الانفتاح؟.