Skip to main content

تعليق: صياغة القرار الإداري مـهنـة وإحتراف

تعليق: صياغة القرار الإداري مـهنـة وإحتراف

| ,
  • الكاتب: البوديري شريحة

مع بدء الإنسداد السياسي والإنقسام التشريعي في دولة ليبيا عام 2014 م، كان لى محطة مع مقال بعنوان “صناعة القانون مهنة وإحتراف” واليوم نقف أمام عتبة توحيد الدولة من موسسات ومكونات إجتماعية وثقافية في ظل حكومة الوحدة الوطنية التي هي حقا على المحكين السياسي والإقتصادي، وكذا الإجتماعي القائم على قاعدة المصالحة الوطنية وزرع ثقافة المواطنة ومفاهيم التعايش السلمي إجتماعيا، والأحرى قانونيا، وهذا ما يهمني كمحامي وقانوني. ومن حرصي على ألا تقع الحكومة الجديدة في أخطاء الحكومات السابقة عليها أن تحسن أختيار مستشاريها، خاصة صانعو الإستراتجيات والسياسات، بالرغم محدودية مدة الحكومة، وضرورة تركيزها علي الأولويات المعروفة بالثالوث، الإنقسام السياسي والمؤسساتي، وجائحة كورونا، والمختنقات الإقتصادية.

موضوع هذا التنبيه مرده إلي أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية أصدر منشورا يحمل رقم (03) بتاريخ 16-03-2021 مخاطبا به رؤساء مجالس أمناء المؤسسات والصناديق الإستثمارية والجمعيات العمومية للشركات العامة والشركات التي تساهم فيه الدولة. المنشور يحمل عليه ثلاثة مآخذ رئيسية:

أولاً: جاء المنشور تحت رسم “منشور” وهو في حقيقته – بالتكييف القانوني – “قرار إداري” لأنه لا يفسر أو يوضح نصوص أو أحكام قانونية لتشريعات سارية، وإنما يقررأحكام تمس بمراكز قانونية مكتسبة أو قائمة أو يؤثر في عملها الطبيعي أو المعتاد التي منحتها لها التشريعات النافذة، خاصة أن نص القرار ” المنشور”  يعتبر المحاضر والقرارات الصادرة عن مجالس أمناء المؤسسات الإستثمارية والجمعيات العمومية للشركات العامة ملغاة،  ومنها ما تساهم فيها الدولة بنسبة محددة، مما ربما يضطر باقي المساهمين علاوة على  الغير عموما مخاصمة الدولة أمام المحاكم.

ثانياً: صدر المنشور من رئيس الحكومة أى رئيس الوزراء بصفته وليس صادرا من مجلس الوزراء منعقدا، مما قد يخلق إشكالية الإختصاص وما يترتب عنها من وجود عيب في تحقق وإكتمال أركان القرار ذاته، وربما يفتح مجال الطعن عليه أمام القضاء الإداري في ليبيا.

ثالثاً: سريان القرار بتاريخ رجعي أى من تاريخ منح الثقة للحكومة يوم 10 مارس 2021، مما يصطدم وصحيح القانون حيث أستقر قضاء المحكمة العليا  الليبية  – وكذلك المصرية – على (أن القرارات الإدارية تنظيمية أو فردية، لا تنتج أثرها إلا من تاريخ صدورها أخذا بقاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية، وتطبيقا لمبدأ حظر المساس بالحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية التي تمت وتكاملت إلا بقانون ومن ثم يلزم ألا تسري القرارات الإدارية بأثر رجعي حتى ولو نص فيها على هذا الأثر) مبدأ المحكمة العليا في قضية الطعن الإدارية رقم 41/55 ق بتاريخ 30/11/2008 م.

وربما يجادل مجادلا أن المنشور نص سريانه بشكل مؤقت أو أن الدولة تخضع لسريان قانون الطوارئ فكلا الحجتين مردودا عليهما، حيث ما يحكم قوانين الطوارئ مبدأ المحدودية والتأقيت، ولها إشتراطاتها في عدم المساس بالمراكز القانونية، إلا لأسباب جدية لا نرى توافر أرضيتها في هذا القرار. أما التأقيت فلا يبرر وجوده لكونه نوعا من التنصل من المسؤولية القانونية.

 بقدر ما نرغب للحكومة التوفيق في توحيد الدولة ومؤسساتها، وتفهمنا للباعث الدافع لمثل هذه القرارات العملية، لكن كان الأجدر أن تتحرى  في مراعاة  التشريعات السارية – بالرغم من أن البعض منها لا يتماشى وضرورات الإصلاح و التحديث – كيما يتم التناغم مع المنظومة القانونية، وذلك بالإستعانة بالخبراء في القانون ممن لديهم التمرس المهني وليس الأكاديمي فقط، طالما هدفنا بناء دولة المؤسسات والقانون.