تعليق على حكم محكمة استئناف القاهرة – الدائرة للتجارية الأولى – جلسة 3 يونيو 2020 – في الدعوى رقم 39 لسنة 130 ق – تحكيم – (دعوى بطلان حكم تحكيم)
- الكاتب: الناصر حمزة
قائمة المحتوى
أولا: منطوق الحكم
” حكمت المحكمة ببطلان حكم التحكيم المطعون فيه الصادر في مصر (القاهرة) بتاريخ 22 /3/ 2013 وإلزام الشركة المدعى عليها المصاريف القضائية. ومبلغ مائة جنيه كمقابل لأتعاب المحاماة”.
ثانيا: الوقائع
توجز الوقائع من مدونات الحكم المذكور في أن دولة ليبيا تعاقدت بتاريخ 8/6/2006 مع الشركة الكويتية – محمد عبد المحسن الخرافي – على اقامة مشروع استثماري سياحي بمنطقة تاجوراء بطرابلس طبقا للقانون الليبي الخاص بتشجيع رؤوس الاموال الأجنبية، وذلك بمبلغ 120 مليون دولار امريكي تقوم الشركة وحدها بتمويله، وتكون مدة انتفاعها به وتشغيله تسعين سنة على أن تلتزم دولة ليبيا بتسليم الشركة أرض المشروع خالية من كل الشواغل، وضمان خلوها من العوائق المادية والقانونية المانعة من التنفيذ، فاقترحت الدولة على الشركة ارضا بديلة للتنفيذ عليها فرفضت متمسكة بأرض التعاقد.
بعد الاجتماعات والمراسلات التي لم يتوصل الطرفان بموجبها الى حل المعضلة أصدر وزير الاقتصاد الليبي قرارا بإلغاء الترخيص المسبق الممنوح للشركة بالاستثمار والعدول عنه بحجة تراخيها في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية، فاعترضت الشركة عليه بحجة ان الاخلال بالالتزام التعاقدي كان من الجانب الليبي وفقا لنصوص العقد والاتفاقيات الدولية الخاصة بالاستثمار العربي والأجنبي السارية في ليبيا.
ولما كان العقد يتضمن شرطا تحكيميا فقد بادرت الشركة إلى رفع دعوى تحكيمية ضد دولة ليبيا أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري والمعروف ب ( C R C I C A ) وفق أحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الاموال العربية في الدول العربية عام 1980.
نظرت هيئة التحكيم المشكلة من ثلاثة أعضاء الدعوى على أساس تطبيق القوانين الليبية على موضوع النزاع بما في ذلك قانون رؤوس الاموال الاجنبية وتعديلاته، وعلى أن يكون سير الاجراءات طبقا للقواعد الاجرائية السارية في المركز المذكور.
وبتاريخ 22/3/ 2013 صدر حكم التحكيم بأغلبية أعضاء الهيئة – وهو محل البطلان من الحكم موضوع التعليق الماثل – يقضي بإلزام دولة ليبيا بأن تدفع للشركة المبالغ الاتية:
“30 مليون دولار تعويضا عن الاضرار الأدبية، و 5 مليون دولار قيمة الخسائر والمصروفات (المتكبدة)، و 900 مليون دولار تعويضا عن الكسب الفائت، و 940 الف دولار رسوم ومصاريف التحكيم أي بإجمالي تسعمائة وستة وثلاثين مليونا وتسعمائة وأربعين الف دولار امريكي، اضافة إلى فائدة بمعدل 4% عن اجمالي المبالغ المحكوم بها …”
وقررت هيئة التحكيم في ختام حكمها انه: “قرار نهائي معجل التنفيذ، نافذا على اصله، صدر بأغلبية الأصوات، وانه غير قابل للمراجعة” .
رفع الجانب الليبي امام محكمة استئناف القاهرة دعوى بطلان حكم التحكيم المذكور فقضت بتاريخ 5/2/2014 بعدم قبول الدعوى استنادا على قولها: “ان حكم التحكيم يكون لفهم وأساس الحكم الأول المنقوض الصادر بتاريخ 5/ 2/2014 المشار اليه، مقررة أنه “طالما أن الدعوى التحكيمية جرت في ظل أحكام الاتفاقية الموحدة فحكمها يكون محصنا أمام القضاء المحلي لكل دولة من دول الاتفاقية ولو بدعوى ابطال مبتدأه … وأن الدعوى الأصلية ببطلان أحكام التحكيم تعد بشكل او بآخر منازعة ناشئة عن تطبيق الاتفاقية التي تحدد بشكل حصري محكمة الاستثمار العربية كجهة قضائية خاصة بالمنازعات الناشئة مباشرة عن الاتفاقية نفسها، وان تلك المحكمة الاستثمارية التابعة لجامعة الدول العربية هي محكمة اقليمية دولية مستقلة منقطعة الصلة بالأنظمة الاجرائية الوطنية بما في ذلك كل نظام تحكيمي وطني، وبهذه المثابة فإن دعوى البطلان تخرج عن ولاية القضاء المصري ونطاق اختصاصه الدولي” .
للمرة الثانية سلك الجانب الليبي طريق النقض، فقضت المحكمة بتاريخ 10/ 12/2019 بنقض الحكم المذكور نقضا كليا مؤكدة على اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم محل الدعوى دون غيرها من المحاكم، محيلة اليها الدعوى لنظرها مجددا من هيئة أخرى، ومقررة انه لا يتيسر لها الفصل في موضوع دعوى البطلان باعتبار ان محكمة الاستئناف لم تفصل في موضوعها حتى تستنفد ولايتها فيها، فحكمها الاول المنقوض تعلق بعدم القبول، وحكمها الثاني المنقوض أيضا تعلق بعدم الاختصاص.
ومحكمة استئناف القاهرة بهيئة جديدة للمرة الثالثة قضت بتاريخ 3/ 6/2020 ببطلان حكم التحكيم موضوع الدعوى، وهذا الحكم القضائي هو محل التعليق الماثل.
ثالثا: التعليق
نبادر الى القول بان المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق كانت حذرة جدا ومدركة تماما لما قد يؤول مسلكها في التصدي لإبطال حكم التحكيم من قبل البعض فيذهب بتأويله مذهبا غير سديد، فقدمت لقضائها موضحة مسلكها بقولها:
“ان دعوى بطلان أحكام التحكيم التي تنظر أمام القضاء لا تخوله التعقيب على النتيجة التي خلص اليها أو التعقيب على اخطائه المتعلقة بعيوب في التقدير بالنسبة لعناصر الواقع أو مخالفة القانون. كما لا يجوز للخصوم اعادة الجدل في عناصر النزاع الموضوعي أو اعادة طرحها من جديد أمام محكمة البطلان لمراجعتها، ولا تملك المحكمة القضاء بتصحيح أو اتمام النتائج التي أثبتها الحكم، او رد الأمور الى نصابها، او أن تقوم او تصحح ما يكون في حكم التحكيم من اعوجاج إلا ان النظام او طريق التحكيم من الأطر التحكيمية الكلية والقواعد المبدئية (العدلية) التي توجبها الفطرة وتفرضها حقائق الاشياء ما يحول دون استخدامه بما يخرجه عن وظيفته وحدوده المنطقية المشروعة. فالتحكيم نظام قانوني لا نظام مطلق، لذلك فان جاوز حكم التحكيم ضوابط التحكيم المقررة وأطره الجوهرية أو عطلها فلا يكون الحكم مستحقا للحماية المقررة له، وبالتالي لا يكون محصنا. فغير مسموح للحكم ان يتحرر من أي ضوابط قانونية أساسية. أو أن يهدر مبادئ عدلية جوهرية، أو أن يتحلل من الضمانات والواجبات السلوكية واجبة الصيانة، أو أن يخترع شيئا من لا شئ … ” .
هذا، ومما أشارت إليه المحكمة في مدونات حكمها أيضا أن هيئة التحكيم قد أغفلت تقدير التعويض على أساس تفويت فرصة الكسب الذي كان من الممكن أن تقوم به.
وخلصت المحكمة الى إبطال حكم التحكيم استنادا على قواعد النظام العام التي خرقها، مرتبة النتائج التي رأتها بالخصوص.
لذللك سنعرض أولا: لمدى سلامة استناد المحكمة على قواعد النظام العام للتصدي إلى حكم التحكيم وإبطاله. وثانيا: لمدى صحة ما انتهت اليه استنادا على قواعد النظام العام. وثالثا: لمدى امكانية تقدير هيئة التحكيم للتعويض على أساس تفويت فرصة الكسب الذي أشارت اليه المحكمة، وذلك على النحو التالي:
1 – مدى سلامة استناد المحكمة على قواعد النظام العام للبت في ابطال حكم التحكيم
أقامت المحكمة قضائها بإبطال حكم التحكيم على أساس مخالفته “لقواعد النظام العام المقررة في القضاء المصري ذات الاصول اليقينية الثابتة، حيث أنه لا يمكن للمحكم أن يتمتع بسلطة كاملة ومطلقة لا قيد عليها ولا عاصم من جموحها أو انحرافها في نطاق تبعات ودلالات قواعد النظام العام: أوامره ونواهيه وموازينه العصرية التي استقرت حقيقتها… “.
هذه التقريرات من المحكمة ليست خارجة عما هو مستقر فقها وقضاء بشأن قواعد النظام العام، ذلك أن النظام العام اصطلاح يصعب حصره في تعريف جامع مانع، وهذا ما حدا بمختلف التشريعات الدولية إلى عدم وضع تعريف له تاركة للاجتهاد القضائي جهة تحديد القواعد القانونية التي يعتبرها من النظام العام. فعلى سبيل المثال عرفته المحكمة العليا الليبية بأنه: “مجموع المصالح الاساسية التي يقوم عليها كيان المجتمع سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية.”[1] وعرفه الفقيه (اسمان) بأنه:
“القواعد الموضوعية لحماية المصالح حتى الفردية منها التي تعتبر أساسية للمحافظة على سلام وازدهار المجموعة الاجتماعية موضوع الاهتمام.”[2]
ومعلوم أن القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام لا تقتصر على تلك التي تعني مباشرة بالمجتمع وتستهدف بصورة أساسية مصالحه العليا، وإنما قد تدخل في عداداتها قواعد تتعلق بالمصالح الخاصة بالأفراد، وهي مع ذلك ذات أهمية خاصة ترقى الى حد اعتبارها في جانب منها ذات صلة بالصالح العام بحيث يكون كل خرق لها بمثابة اعتداء على المصلحة العامة للمجتمع، فمثلا قضت محكمة استئناف بيروت بأن ” جواز عزل الموكل للوكيل من النظام العام، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، فيستطيع الموكل عزل الوكيل قبل ان يتم العمل، ولا يجوز له اشتراط تقاضي تعويض اذا عزله الموكل، لأن في ذلك تقييد لحرية الموكل في عزل الوكيل.”[3]
وفرضت محكمة التمييز الاردنية رقابة القضاء على حكم التحكيم اذا خالف قواعد النظام العام مقررة أن ” الرقابة المنصوص عليها في المادة 49 من قانون التحكيم الأردني لها صيغة شكلية بحيث لا تنفذ الى أصل النزاع ولا تسلط المحكمة رقابة على كيفية تأويل هيئة التحكيم للقانون، وكيفية تطبيقه، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون هناك خرق لقواعد النظام العام.”[4]
وبناء على ذلك فان مدى حجية استخدام قواعد النظام العام كسبب لإبطال حكم التحكيم يعتمد في النهاية على السلطات التقديرية الواسعة التي تتمتع بها المحاكم عند تعريفها وتفسيرها لهذه القواعد وتحديد نطاق تطبيقها، وذلك وفق ظروف كل حالة.
وبالرجوع إلى حكم محكمة الاستئناف محل التعليق نجدها قد اعملت سلطتها التقديرية بشأن تفسير قواعد النظام العام وطبقتها على حكم التحكيم المعروض عليها فأبطلته لخرقه هذه القواعد بمغالاته الشديدة في تقدير التعويض المقضي به كما سنرى لاحقا، وهو ما يجد سنده القانوني كما ذكرت المحكمة من الفقرة الثانية من المادة 52 من القانون المصري رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم التجاري الدولي بخصوص مخالفة النظام العام في مصر. وبذلك لا تكون المحكمة قد حادت عن جادة الصواب في هذا الشأن.
2 – مدى سلامة ما انتهت اليه المحكمة استنادا على تطبيق قواعد النظام العام على حكم التحكيم
ترتب على تطبيق المحكمة قواعد النظام العام على حكم التحكيم على النحو المتقدم ان بدت مبالغ التعويض المحكوم بها من قبل هيئة التحكيم بأغلبية اعضائها مجحفة اجحافا عظيما بالجانب الليبي، وفاقت حد التصور المعقول فوصفت حكم التحكيم:
“بمخالفته للقاعدة القانونية بأن التعويض يكون متناسبا مع الضرر الذي يقاس بمعايير أو أسس موضوعية تأخذ في الاعتبار الظروف الواقعية الملابسة، وهذه قاعدة ثابتة من قواعد النظام العام المشرعة التي لا يجوز التفريط فيها لارتباطها الوثيق بمصالح وحقوق الأفراد واحترام توقعاتهم المشروعة، وفي اطار توازن المصالح على اختلاف انوعها وعدم تعارضه في معناه مع مقتضيات العدالة وروح الانصاف … وقد أوجبت المادة التاسعة من الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية (أن يكون التعويض المستحق للمستثمر العربي تعويضا عادلا يتناسب مع الضرر) ..”
لذلك فإننا سنعرض أولا لمدى اتفاق أسباب حكم المحكمة بشأن مغالاة حكم التحكيم الشديدة في تقدير قيمة التعويض مع النصوص القانونية والأحكام القضائية، وثانيا: لمدى وجود سوابق قضائية دولية بشأن رقابة القضاء لأحكام التحكيم المغالية في تقدير التعويض، وذلك على النحو التالي:
أ – مدى اتفاق أسباب الحكم بشأن مغالاة حكم التحكيم الشديدة في تقدير التعويض مع النصوص القانونية والأحكام القضائية
من المسلمات بأن عدالة التعويض هي أحد المبادئ الدستورية، وهي نتيجة حتمية لمبدأ احترام حقوق الأفراد، وترجع الى منطق المسؤولية المدنية التي جوهرها وجوب اعادة التوازن الذي انهار بسبب الضرر بشكل عام وبقدر الإمكان، وإلى قيد مفاده أن التعويض لا يجوز أن يكون مصدرا للإثراء على حساب الغير بدون سبب، فقد تواتر قضاء محكمة النقض المصرية على أنه: “اذا كان تقدير التعويض من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائما على أساس سائغ مردودا الى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئا مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه.”[5]
وهذا القضاء يتفق وعلى سبيل المثال مع ما هو مستقر في قضاء المحكمة العليا الليبية.[6] لذلك فان المحكمة اذ قررت أن التعويض الذي قضى به حكم التحكيم مغال فيه مغالاة شديدة ويفوق حد التصور، وغير متكافئ مع الضرر الذي أصاب الشركة، فإن حكمها يكون قد وافق القانون عموما والأحكام القضائية المستقرة في هذا الشأن.
ب – مدى وجود سوابق قضائية دولية بشأن رقابة القضاء لأحكام اللتحكيم المغالية في تقدير التعويض
سبق القضاء المصري صدور عدة أحكام قضائية دولية بسطت فيها المحاكم رقابتها على أحكام التحكيم تصريحا او تلميحا بشأن تقدير التعويض المغالى فيه نعرض بعضها على سبيل المثال، وهي:
1 . خلال سنة 2011 أصدرت المحكمة التجارية العليا بروسيا الفدرالية حكما بشأن طعن ضد قرار يقضي بمنح الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي أجنبي اعتبرت فيه المحكمة دخوله في مراقبة قاضي التنفيذ لتقدير مدى احترامه لمبدأ التناسب PRiNCiPE OF PROPORTIONALiTY
الذي هو من قواعد النظام العام بحيث يجوز له (قاضي التنفيذ) أن يرفض منح الصيغة التنفيذية اذا كان حكم التحكيم قاضيا بتعويض مجحف يتجاوز فيه الضرر بشكل فادح.[7]
2 . قبل الحكم المذكور في البند السابق بعام واحد رفع اللاعب الروماني ( أدريان موتو ) طعنا أمام المحكمة الفيدرالية السويسرية ضد نادي ( تشيلسي الانجليزي ) مؤداه طلب ابطال حكم التحكيم الصادر ضد ه بإلزامه بتعويض النادي المذكور بمبلغ مالي يجاوز 17 مليون دولار على أساس أن هذا المبلغ مغال فيه استنادا الى مبدأ حماية الملكية المقرر بالاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان لعام 1950 والذي يترتب عليه منع المصادرة العشوائية لأملاك الناس باعتبار أن حماية الملكية تعتبر في نظر اللاعب من القيم التي ينبغي على كل الانظمة القانونية احترامها على حد قوله، ولكن المحكمة رفضت الطعن ليس بسبب أن المسألة تخرج عن رقابة قاضي الابطال، وإنما بسبب عدم توفر صبغة الخسارة في قيمة التعويض المقضي بها وذلك بناء على صحة العملية الحسابية التي اجرتها هيئة التحكيم.[8]
3. حكمت محكمة الاستئناف بتونس يوم 4/ 5/1999 في القضية رقم 40 بإبطال حكم التحكيم المعروض عليها بسبب ورود عبارة غامضة لا تصلح لتعليل الحكم مقررة أن هيئة التحكيم مطالبة بتعليل حكمها وذلك من اجل غايات أربع منها التحقق من أن الحكم احترم مبدأ الانصاف فعلا، وهو ما قد يشير الى عدم الاجحاف بحق المعني.[9]
بناء على ذلك، فان القضاء المصري ليس بدعا في تصديه ومراقبته لحكم التحكيم في شأن تقديره التعويض المبالغ فيه، وإنما سبقه الى ذلك قضاء دولي على النحو المذكور.
3 . مدى امكانية بناء التعويض على اساس فرصة الكسب
ذكرت المحكمة في حكمها أن حكم التحكيم غفل عن “ما يعرف بالتعويض عن تفويت فرصة الكسب أو المنفعة أو الربح الذي هو في حقيقة أمره تعويض عن ضرر مادي مستقبل لا يوجد ما يمنع من النظر فيه وحسابه كعنصر من عناصر التعويض المحكوم به.”
فهل لهذا القول أساس في قضاء النقض المصري؟
نقول: نعم، فقد قضت محكمة النقض المصرية في أحد أحكامها بقولها: “من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه اذا كانت الفرصة أمرا محتملا فان تفويتها أمرمحقق يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها، ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب من وراء تحقق هذه الفرصة إلا ان ذلك مشروط بأن يكون هذا الاصل قائما على اسباب مقبولة من شأنها طبقا للمجرى الطبيعي للأمور ترجيح كسب فوته عليه العمل الضار غير المشروع …”[10] وهو الأمر المستقر ايضا في القضاء الليبي.[11]
ومن كل ما تقدم ننتهي إلى القول بأن حكم محكمة استئناف القاهرة محل التعليق حسب رأينا لم يجانب الصواب فيما قضى به.
[1] طعنان اداريان رقما 19/8 ق و 44/8 ق – تاريخ 19 . 12 . 1964 مجلة المحكمة العليا – سنة 21 عدد 3 – ص 28 .
[2] PLANiOL ET G. RiPERT – TRAiTE . PRATIQUE DE DROiL CiViL FRANCAIS – Vi – PAR P.ESMAiN – ED-P : 266 – CiTE PAR PH . MALVARiE – P : 261 .
[3] قرارها رقم 319 بتاريخ 21 . 3 . 1996 – ورد في مقال بعنوان : النظام العام في الاجتهاد القضائي – نشر في صفحة ( الرأي ) ALRAI.COM النت .
[4] قرارها رقم 201/2006 – تاريخ 11 . 8 . 2006 – اوردته المحامية منى خاطرة – مجلة التحكيم العالمية – عدد 15 – يوليو 2012 – ص 4 .
[5] نقض مدني في الطعن رقم نقض مدني في الطعن رقم 307 لسنة 58 ق – جلسة 25 . 12 . 1994 – مجموعة المكتب الفني – سنة 45 – ص 1650 . فقرة . 1 .
[6] الطعون المدنية أرقام 210/46 ق – ت 8 . 3 . 2004 مجموعة احكام المحكمة العليا – قضاء مدني 2004 جزء 2 ص 610 و 632/50 ق ت 26 . 2 . 2006 غير منشور و 491/56 ق – ت 16 . 1 . 2012 غير منشور .
[7] الاستاذ احمد الرفعي , بحث بعنوان ( الحكم التحكيمي القاضي بتعويض مجحف ومراقبة النظام العام ) – مجلة التحكيم العالمية – عدد 16 – ص 203 .
[8] المرجع السابق – ص 206 .
[9] المرجع السابق ذات الصفحة .
[10] طعن مدني رقم 1300/63 ق ت 10 . 11 . 1994 – المكتب الفني 45 ج 2 ق 257 ص 1363 . وطعن مدني رقم 13871/82 ق ت 5 . 4 . 2018 – اخذ من النت C . C GOR EG 2020 .
[11] طعن مدني رقم 134/51 ق ت 6 . 2 . 2007 – مجموعة احكام المحكمة العليا – قضاء مدني 2007 – جزء 1 – ص 339 . وطعن مدني رقم وطعن مدني رقم 300/56 ق ت 9 . 2 . 2012 غير منشور .