Skip to main content

ومضات تصحيحية  لقانون الإجراءات الجنائية الليبي

ومضات تصحيحية  لقانون الإجراءات الجنائية الليبي

|
  • الكاتب: عبدالحكيم التياني

من المعلوم أن قانون الإجراءات الجنائية وما يحويه من قواعد من الأهمية بمكان بحيث يحكم السلوك الذي يتعين على مـأموري الضبط القضائي وسلطة التحقيق والجهات القضائية وكذلك المحامين التقيد والإلتزام به أثناء ممارسة عملهم المكلفين به حتى لايتجاوز أي من هؤلاء حدود القانون ويكون هو الفيصل في العلاقة فيما بينهم. إلا أن ذلك لايعني تحقيق العدالة المنشودة مالم يتم بين الحين والحين تجاوز العثرات والسقطات التي تنال من مبدأ العدالة وباسم القانون، والتي تتكشف أثناء التطبيق العملي لقانون الإجراءات الجنائية بحيث يظهرعوارها ومساوئها بما يستوجب تدخل المشرع لتعديل بعض تلك القواعد أو إلغاؤها بما يتناسب ومبدأ العدالة، ويتماشي والممارسات الدولية في حماية الحقوق والحريات التي صادقت دولة ليبيا على جل العهود الدولية والأقليمية لحماية الحقوق والحريات المتعلقة بالإنسان وحريته.

وبالنظر إلى قانون الإجراءات الجنائية الليبى يلاحظ أنه لم تطاله يد التحديث والتطوير رغم أنه صادرمن مدة تقارب السبعين عاما، اللهم إلا النزر اليسير. وبالتالي يتعين على السلطة التشريعية التدخل بيد الإصلاح و نية التهذيب على مواد عفا عليها الزمن خاصة تلك المتعلقة بالمواد السالبة للحرية ومثالها:

  • عدم تحديد مدة نهائية للحبس الإحتياطي لايمكن تجاوزها حيث يبقى مصير المتهم مجهولا في ظل حبس غير محدد المدة بل وأحيانا يتجاوز الحبس الإحتياطي معظم أو كل مدة العقوبة المقررة للجريمة دون أن يقدم المتهم للمحاكمة ومن ثم يتعين على المشرع تضمين القانون تحديد لمدة الحبس الإحتياطي.
  • عدم تحديد مدة لإيداع أسباب الإحالة إلى الجنايات بالنسبة لقاضي غرفة الإتهام مما يساهم في التأخير في نظر القضايا في الوقت الذي يظل فيه المتهم رهين الحبس الإحتياطي دون مبررقانوني قديصل إلى عدة أشهر.
  • نصت المادة (374) من قانون الإجراءات الجنائية  “على أنه يسقط الإستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية واجبة النفاذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة “، وكذا الحال عند الطعن في أحكام مقيدة للحرية أمام المحكمة العليا، ومن خلال الواقع العملي فإن يظهر- في تقديرنا – أن أغلب الدعاوى يتم الحكم بسقوط الإستئناف أو الطعن دون أن يتم النظر فيه وبالتالي تتسع دائرة المطلوبين للجهات الضبطية دون أن يتم إعطاء هؤلاء المطلوبين فرصة الدفاع عن أنفسهم وهم مخلي السبيل، بل إن الممارسات تنساق إلى ضرورة اشتراط تسليم أنفسهم قبل النظر في الإستئناف أو الطعن مما يعد نوعا من الإكراه والشطط بما يتنافي مع مباديء العدالة وصون حرية المتهم.

وكل ما أثرناه هو غيض من فيض وعيوب ينبغي معالجتها ولاغضاضة من الإستعانة بالتشريعات الجنائية في الدول الأخرى أو الدعوة إلى مؤتمرات وورش عمل يدعى إليها كافة رجال القانون وعلى الأخص المحامون لأنهم الأكثر ملامسة للواقع العملي الناتج عن تطبيق القانون بحالته الراهنة، كله بغية الإرتقاء بالنصوص القانونية الجنائية في دولة ليبيا كيما تتماشي والمماريات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان والحريات المصدق عليها من ليبيا والتي تعد ليس جزءا من التشريع الوطني بل يتسم بصفة العلو التشريعي على القوانين تحت مظلة الإعلان الدستوري النافذ لسنة 2011 م وقريبا الدستور الدائم.