حوصلة عن آليات التمويل الخارجي
- الكاتب: البوديري شريحة
دولة ليبيا مصنفة – حاليا – ضمن الدول الأعلي مخاطر مقابل التمويل الخارجي في مؤشر ما يعرف بـمخاطر الدول Country risk classification – OECD ،حيث نزلت فى عام 2008 إلى 5 من 7 وكانت بوفد ليبي اجتمع مع ما يعرف بوكالات التصدير الأوروبي (Expert Agencies European) وعادت الآن إلى 7/7 بالرغم أن مصرف ليبيا المركزي – في ذلك الوقت- استعان ببنك غولدمن ساكس الأمريكى كبيت خبرة دولى عام 2007 م للمساعدة في وضع خطة لتخفيض هذه المخاطر، كيما لا ينعكس هذا التصنيف على إنخفاض ثقة المموليين الخارجيين للمشاريع في ليبيا و بالتالي يساهم في رفع تكلفة الإقراض الخارجي بسبب المخاطر السياسية والأمنية، و مرجعها عموما عدم الدفع لأسباب عدة.
لذا فالمقاول والمستثمر الأجنبي – اليوم – يصعب عليه العودة إلى ليبيا و الدخول للسوق الليبي لسببين أثنين أولهما يعود إلى عدم حسم مسألة القوة القاهرة وآثارها القانونية والمالية بالرغم من تشكيل لجنة العشرين في عام 2012 بقرار مجلس الوزراء والتي سلمت تقريرها الذى يربو عن 150 صفحة دونما حسما للموضوع، وثانيهما الضمان المالي الذى لا يتوفر للشركات الأجنبية وخاصة الحكومي منه بسبب قانون الاحتياط المالي للدولة عبر وزارة المالية مما يقلل من فرص دخول الممولين والحصول على التمويل الخارجي بأسعار منافسة تنعكس بالضرورة على تكلفة المشروع. والذى مرجعه إلى تبني نمط التعاقد عبر لائحة العقود الإدارية، وآخرها نسخة 2007، بدلا من أنماط التعاقد الدولية الأخرى مثل عقود شراكة القطاع العام والخاص PPPs، التي لو أتبعت لما كنا اليوم أمام هذا الإشكال، وذلك عبر تقنية ما يسمى Project Finance التي تجعل الكل يراقب الكل ويحد من الفساد المالي ويرفع جودة الأداء ويقلل التكلفة على المشاريع، بل و يوزع المخاطر التجارية والقانونية على جميع الأطراف بشكل عادل مدة تنفيذ وتشغيل المشروع التي تتراوح عادة بين 15-25 سنة.
فلا ننصح إقحام أموال الإستثمارات الخارجية في إستخدامها كضمان للتمويل منعا من ربط المؤسسة الليبية للإستثمار بالدعاوي القضائية المرفوعة على الدولة الليبية خشية من تصنيف المؤسسة كجزء من دولة ليبيا وليست مؤسسة عامة مستقلة أى ما يعرف بــــ Integral part of the state مما يقد يفتح الباب للحجز على أصولها ولدينا في محاولات شركة الخرافي كويتية الجنسية المثل الأقرب لهذا السعي، ونعتقد أن الأمم المتحدة والأتحاد الأوروربي لن يفرجا عن الأموال الليبية المدارة من قبل المؤسسة الليبية للإستثمار حتى بعيد وجود حكومة وبرلمان منتخب بفترة ليست بالقصيرة، وإن قرر رفع الحظر فسوف – في رأينا- يكون جزئيا على إدارة هذه الأموال وليس التصرف فيها.
دولة ليبيا يجب أن تستفيد من عضويتها في عدة بنوك دولية الحصول على التمويل الخارجي، و لاتنتظر من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أى مساعدة عدا الفنية أو الاستشارية – في الوقت الحاضر- لأنها ليست جاهزة لتنفيذ اشتراطات وقواعد التمويل لذا الجهتين الصارمة وأهمها التخلص من سياسة الدعم والتوسع في تسديد إلتزامات الجهاز الإدارية والوظيفي للدولة. لهذا فالأقرب اللجوء إلى مصارف أقليمية مثل البنك الأفريقي للتنمية الذي تعتبر ليبيا من أكبر المساهمين فيه ولم تستفيد من دعمه أسوة بدول الجوار مثل تونس والمغرب ومصر، و كذا البنك الأسلامي، و البنك الأوروربي للتنمية والأعمار الذي أخذت ليبيا العضوية فيه عام 2012م ( https://www.ebrd.com/who-we-are/structure-and-management/shareholders/libya.html) وما ينقصها دفع حوالي 8 مليون يورو رسوم العضوية وتكليف ممثلها ومستشارا له برسالة من وزراة المالية الليبية حتى يفتح لها الباب بتمويل يصل ثمانية مليار يورو.
هذا لا يعني أن هذه البنوك سوف تدفع الأموال مباشرة إلى خزانة الدولة أو مؤسساتها وإنما ستقوم ذاتها بالإشراف على منح هذه التمويل مباشرة للقطاع الخاص الليبي في بناء المشروعات عبر أذرع تتولي هذه البنوك التعامل معها مباشرة بالتنسييق مع الحكومة الليبية منعا للفساد وإساءة التصرف في هذة الأموال، ولهذا الغرض ستقوم هذه البنوك بالتواجد علي الأرض للأشراف والمتابعة عبر فريق لها ومكاتب إستشارية من المحاميين والماليين للقيام بهذه المهمة. وربما لهذا السبب يتفادى الجانب اللليبي التعامل معها ويربط تصرفها هذا بالتعقيد والبيرقراطية.
وفي هذا السياق بالإمكان التفاوض مع البنك الأوروبي على تنمية المناطق الحرة في ليبيا مثل بنغازي ومصراته وزوارة و أبوكماش للحد من أثار الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
وأخيرا … يمكن التفاهم مع البنوك المشار إليها في هيكلة وديعة تحت ما يسمى صندوق (Trust) بإشرافها تخصص كضمان للمستثمر أو المقال الأجنبي بديلا عن الضمان الحكومي من جهة، ومن جهة أخري يمكن الإستفادة من التجربة الأمريكية الأيرانية في وضع غرفة تحكيم مشتركة – تمت في هولندا- لمشاكل القوة القاهرة والعقود مع المقاوليين الأجانب، و التي جاءت كمقترح قدم من شركة محاماة أمريكية في العقدين الماضيين، وقدمت كأحد المخارج للأزمة في تصور يسرنا مشاركتكم به.